أشكالُ المادةِ ثلاثُ، وهذا شيْءٌ معلومٌ لدى كلّ منْ على هذهِ المعمورةِ؛ بلْ إنها من أبسطِ المسلّماتِ العلميةِ أيضاً، والمادةُ أيضاً إمّا أنْ تكونَ عنصراً أوْ مجموعةً من العناصر. أمّا العنصرُ فهوَ مادةٌ تتكونُ منْ نوعٍ واحدٍ منَ الذراتِ.
تحتوي الكرةُ الأرضيةُ على اثنينِ وتسعينَ عنصراً طبيعيّاً، وتبدأ هذه العناصر بغازِ الهيدروجينِ، وتنتهي بالعنصرِ المشعِ اليورانيومْ. وأمّا الغازُ فهوَ أحدُ أشكالِ المادةِ؛ بحيثْ تكونُ الذرّاتُ المكونةُ لهُ مترابطةً بصورةٍ ضعيفةٍ؛ أيْ إنَّ المسافةَ الفاصلةَ بينَ الجزيئاتِ أكبرَ بكثيرٍ منْ تلكَ الّتي تكونُ في السوائلِ والموادِ الصلبةِ، ونتيجةً للمسافةِ الفاصلةِ بينَ هذهِ الجزيئاتِ المكوّنةِ للغازِ، فإنَ هذهِ الغازاتِ تمتلكُ خاصيةً فريدةً منْ نوعها فهيَ لا تمتلكُ شكلاً أوْ حجماً ثابتاً؛ حيث إنّها تتخذُ شكلَ الوعاءِ الّذي توضعُ فيهِ وحجمهُ أيضاً، وبسببِ هذهِ المسافةِ أيضاً فإنَّ الغازَ قابلٌ للضَّغطِ، وبذلكَ فإنَّ الغازَ الذي يتواجدُ في إناءٍ حجمهُ خمسةُ لتراتٍ مثلاً، يمكننا تعريضهُ للضَّغطِ؛ بحيثْ يصبحُ منَ الممكنِ وضعهُ في إناءٍ أصغرَ لترينِ أو ثلاثةِ لتراتٍ مثلاً.
ولعلَ أشهرَ الغازاتِ بعدَ الأكسجينِ والهيدروجينِ لدىْ العامّةِ هوَ الهيليومَ؛ فهوَ ثاني أخفِ الغازاتِ علىْ وجهِ الارضِ، ويتكوّنُ منْ اندماجِ ذرّتينِ منَ الهيدروجينِ فيْ ظروفٍ خاصّةٍ وبفرقِ كتلةٍ بسيطة، ويتحوّلُ إلىْ طاقةٍ إشعاعيةٍ، وهذاْ لا يحدثُ إلّا في النجومِ عادةً. يتواجدُ الهيليومُ بنسبةِ 24% في هذا الكونِ الفسيحِ؛ أيْ إنَّ حوالى ربعَ هذا الكونِ فقطْ مكونٌ منَ الهيليومِ. الهيليوم كما أسلفتُ هوَ غازٌ خفيفٌ يحوي في نواتهِ بروتونينِ، والعددَ نفسهُ منَ النيوتروناتِ.
أين نجد غاز الهيليوم؟السؤالُ الآنَ أينَ يتواجدُ غازُ الهيليومَ؟ نتيجةً لما يمتلكهُ هذا الغازُ منْ صفاتٍ تميّزهُ عنْ باقي الغازاتِ والعناصرِ، فهوَ غازٌ خاملٌ لا يتفاعلُ معَ أيِّ عنصرٍ في الطبيعةِ، حتىْ إنهُ يتواجدُ على شكلٍ أحاديٍّ، وبما أنهُ أيضاً غازٌ خفيفُ الوزنِ فهوَ لا يبقى طويلاً في الغلافِ الجويِّ؛ بلْ يصعدُ إلىْ الفضاءِ الخارجيِّ. وبما أنَّ الهيليومَ يتكوّنُ في ظروفٍ خاصةٍ، وهذهِ الظروفُ غالباً ما تتوفّرُ في قلبِ النجمِ، فهوَ يستعملُ وقودا ً خاصاً منَ الهيدروجينِ فيحرقهُ ويحوّلهُ إلى هيليومَ، فيبقى الهيليومُ متمركزاً في قلبِ النجمِ، لما يمتلكهُ منْ وزنٍ ذريٍّ عالٍ مقارنةً بالهيدروجينِ.
بعدَ تكوّنِ هذا الهيليومِ في النجمِ نتيجةً لذلكَ الاندماجِ النوويِّ هلْ سيبقى متمركزاً في مكانهَ وسطَ النجمِ مثلاً؟
في الواقعِ إن تكوُّنَ العناصرِ مستمرٌ في قلبِ النجمِ حتى موتهِ، وبعدَ مرحلةٍ معينةٍ منْ حياةِ النجمِ، تصبحُ القوَّةَ المؤثرةَ على ذرّاتِ العناصرِ المتواجدةِ (الهيدروجين والهيليوم) أكبرَ بكثيرٍ، فتتمكّن هذهِ القوةَ منْ إرغامِ ذراتِ الهيليومِ على الاندماجِ مكونةً عناصرَ أثقلَ منَ الهيليومِ، فمثلاً تندمجُ ثلاث ذرّاتِ منَ الهيليومِ لتكوِّنَ ذرةَ كربونٍ واحدةٍ معَ فرقٍ في الكتلةِ، يتحوّلُ إلى طاقةٍ، وهيَ جزءٌ منْ تلكَ الطاقةِ التي تشعّها شمسنا مثلاً.
المقالات المتعلقة بأين أجد غاز الهيليوم